ملخص كتاب : مقاليد القراءة

 ملخص كتاب : مقاليد القراءة

خطوات عملية لدخول عالم القراءة، ودليل إلى كتبٍ للمبتدئين في مختلف العلوم

 

الكاتب : سالم القحطاني | الطبعة الثانية | دار الروافد الثقافية _ناشرون | الطبعة الثانية, 2021 | عدد الصفحات 154 | ملخص : محمد علي الطويل

..........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

 

للقراءة فضائل كثيرة، وذلك من عدة وجوه : فمن الجانب الشرعي : القراءة في الكتب النافعة عبادة يحبها الله تعالى فالكتب لا تخلو من أمرين

الأول : أن تكون كتباً شرعيةً، كالعقيدة والفقه والتفسير.

الثاني : أن تكون كتباً غير شرعية، كالتاريخ والأدب والطب وعلم الاجتماع والسياسة وعلم النفس ونحو ذلك.

فمن ناحية الوجه اللغوي : تحتوي الكتب الجيدة على مفردات وأساليب عالية لا تجدها على ألسنة الناس مهما نبغوا، فالكتب تعطيك مخزوناً لغوياً عظيماً لا تجده عند غيرها.

ومن الوجه النفسي : الجسم يتغذى بالطعام والشراب، والروح تتغذى بالعبادة، ومن جملة العبادة كما قدمنا : القراءة، فالقراءة تغذية روحية. ومن جرّب القراءة وأدمنها جزم أنها متعة من متع الدنيا المعجلة وأشفق على أولئك الذين غادروا الدنيا ولم يجربوا هذه المتعة، فإنَّ لذة العلم تزيد على كل لذة.

ومن الوجه الاجتماعي: تعطيك القراءة مسوغاً لتجنب مجتمعات لا تروق لك، أو أشخاص لا ينسجمون معك، لأن الكتاب صديقٌ طوع أمرك وتحت بنانك.

والوجه العقلي : القراءة توسع مدارك العقل، وتنمي مهارة التفكير والإبداع وتنشط ،الذاكرة وتحسن من جودة التركيز والفرق بين عقل القارئ وغير القارئ كالفرق بين الثرى والثريا.

 

إذاً لماذا نقرأ..؟

السؤال مهم وعميق إذن ينبغي أن تتوقف عنده وتسأل نفسك هذا السؤال، لأن تحديد الهدف من القراءة سيختصر عليك الكثير من الوقت ويجعل الطريق واضحاً أمامك، ويسهل عليك مهمة اختيار الكتب، وطريقة قراءتها. 

هل أنا أقرأ لأجل تحصيل العلم والمعرفة؟ فهذا له طريق خاص وكتب معينة حسب التخصص الذي ستختاره

هل أنا أريد أن أكون متخصصاً في علم معين فأصبح عالماً؟ أم أريد أن أكون مثقفاً فحسب فأقرأ في مختلف العلوم؟ 

هل أنا أقرأ لنفع نفسي فقط؟ أم أريد أن أنفع الناس أيضاً، فالحال حينها سيختلف إذ ستحتاج في الحالة الثانية أن تكون قراءتك نوعية ومكثفة.

 

احذر المداحين..!

هناك بعض القراء مولع بمدح ما هب ودب من الكتب، وبعضهم يغلو في وصف بعض الكتب.

 

مكان القراءة ..

جميل أن تخصص مكاناً تعتاد عليه للقراءة ولا تسألني عن السبب، فإنّ العامل في ذلك نفسي يعسر التعبير عنه. المكان الذي تقرأ فيه ترتبط بينك وبينه ذكريات لا تُنسى، وربما تشعرك بحاجتك إلى القراءة بمجرد دخولك هذا المكان الذي اعتدت على القراءة فيه ولا أجمل من أن تكون لك مكتبة خاصة في بيتك تخلو إليها وتسهر فيها.

 

التدرج في عالم القراءة ..

عليك بالتدرج في دخول هذا العالم العجيب : عالم القراءة وهذا التدرج يكون من وجهين :

أولاً : إبدأ بصغار الكتب دخولك واحرص على تلك الكتيبات الصغيرة جداً التي يمكن أن تختمها في جلسة أو جلستين واستمر على هذا مدة طويلة حتى ترتاض نفسك على القراءة.

ثانياً : من حيث المضمون: ابدأ بالكتب السهلة والخفيفة على النفس وتجنب الآن الكتب الدسمة. وهذه من الحيل النفسية النافعة المجربة بأن تحتال على نفسك وتُوهمها أنّ القراءة أمر هين. وأخف الكتب على النفس وأسهلها هي : القصص والروايات

وأثناء القراءة يجب ان تكون لديك عُدة للقراءة و أتعجب من أولئك الذين يقرؤون دون أن يكون في أيديهم قلم فكيف إذن سيتذكر موضع الفائدة من الكتاب؟ وكيف سيحدد مواضع

الإشكال والغموض كل هذا لا يكون إلا بقلم.

فماذا تقول لمن مرّ على درر وكنوز ثم تركها ولم يقيدها بالقلم؟

 

أعداء القراءة ...

ستسمع بعض الناس يسخر منك لحملك الكتاب أو لذهابك إلى المكتبات ينبغي أن تعلم أن "القراءة" تُعد من معالي الأمور ومعالي الأمور لا تأتي دون مشقة وجد إذ لولا المشقة ساد الناس كلهم كما يقول المتنبي. أنت أيها القارئ من صفوة الناس، وأنت واحد من الثلاثة الذين قال فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام:

(الناس ثلاث فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة والباقي همج رعاع أتباع كل ناعق)

الخلاصة اقرأ ولا تلتفت إلى أعداء القراءة.

 


أصدقاء القراءة ...

إبحث عن صديق يشاركك رحلة القراءة وحبذا لو كان في مستواك المعرفي فمصاحبة القراء لها فوائد كثيرة فمن خلالهم ستسمع بكتب لا علم لك بها .

 

"المكتبة... هي معبد الفكر ومعتكف المفكرين، وهي المعمل الذي تُصنع فيه العقول وتصاغ الأذواق " .

              عبد الله كنون : في عيد الكتاب

 

نتحدث أيضاً عن عن عناوين الكتب فبعض الشباب يذهب إلى المكتبة ويتخير في العناوين فإذا وقعت عينه على عنوان راقه اشتراه فإذا رجع إلى بيته تفاجأ أن مضمون الكتاب صعب جداً وعسر ولا يصلح له أو يتحدث في موضوع يهمه ولا يناسبه. لا لذه بد والكتب كالطعام فقد يغصّ إنسان بلقمة ولا يغص غيره بها، وكما تختلف أذواق الناس في الطعام فكذلك الكتب وكما أن هناك طعاماً لا يصلح إلا للكبار ولو أكله الصغير لتضرر به فكذلك الكتب، فبعضها لا يصلح إلا لكبار القراء.

فـــــ نقترح عليك أن تذهب إلى المكتبة ومعك قائمة كتب أخذتها من مستشارك أو من التوصيات المناسبة للمبتدئين في النت أما أن تدخل المكتبة وتتخير من العناوين ما شئتَ ، وكم من إنسان فعل ذلك فوقع في كتب دسمة صدته عن القراءة إلى الأبد

فلا مانع لتنظر إن كان الكتاب يستهويك أم لا؟ وهل هو مناسب للمرحلة الصفرية التي أنت فيها أم لا ؟

أيضاً زيارة المعارض مهمة للقارئ، ولا غنى لك عنها وهي تجمع كثيراً من المكتبات ودور النشر حول العالم في مكان واحد فهذه لا شك أنها نعمة عظيمة. فكثيراً من الناس يتجول في المعارض بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير باحثاً عن الكتاب المناسب . وأشعر بالشفقة والرحمة لأولئك الذين يشترون أكواماً من الكتب فقط لأن البائع مدحها أو لأنه الأكثر مبيعاً .

 

وهنا بعض المقترحات السريعة حول زيارة معارض الكتاب : 

۱ - احرص على مرافقة قارئ قديم إلى المعرض ولا تذهب وحدك فتضيع.

 

٢ - أعدّ لنفسك قائمة بأسماء الكتب التي ستشتريها المعرض وهذه العناوين تأخذها من مستشارك الثقافي، أو من نصائح القراء في النت.  

 

٣- وزع زياراتك فإذا كانت مدة المعرض عشرة أيام فأقترح أن تزوره ثلاث مرات في أوله ووسطه وآخره ولكل زيارة فوائد.

الأولى: كي تدرك الكتب قبل نفاذها. والوسطى : لإكمال التبضع والاستكشاف.

والأخيرة: تكون وداعية وتجد الكتب فيها أرخص وربما تجد فيها من الكتب ما لم تتنبه له في زياراتك السابقة فزيارة واحدة للمعرض غير كافية

 

٤ - تجول بين دور النشر وتعرف على كتبها دون أن تشتري فمع كثرة دخول المكتبات : ستعرف أنّ هذه الدار تُعنى بالأدب، وأخرى تعنى بالفقه، وثالثة بالسياسة، وهكذا

 

أيضا إنتبه من كثرة الكتب : فـبعض الشباب يفقد السيطرة على نفسه حين يدخل المكتبات فيريد أن يشتري ما أمامه ومع مرور السنين تتراكم عليه الكتب وربما شعر باليأس والإحباط لأنه لم يقرأ إلا قليلاً مما اشترى

كما لا إسراف في الطيب، فكذلك لا إسراف في شراء الكتب، فالبعض يقول دعه يشتري ما شاء من الكتب لأنها كلها خير إن قرأ فخير وإن لم يقرأ هو سيقرأ غيره أو من سيأتي بعده من الورثة هذه وجهة نظر مقبولة وجيدة ولكني رأيت أن هذه الفكرة على ما فيها من محاسن إلا أن فيها بعض الإشكالات وعزمت على ألا أشتري كتاباً إلا إذا تيقنت أو غلب على ظني على الأقل أني سأحتاجه وسأقرؤه . فالكتب إنما تُراد لينتفع بها لا لتزين بها الرفوف وأنّ كثرة الكتب أحياناً قد تكون سبباً في التشتت واستطالة الطريق وأنّ العلم والثقافة ليسا بكثرة الكتب وإنما بكثرة التأمل في الكتب وإن قلت.

فالخلاصة هنا تقتني من الكتب قدر حاجتك على الأقل ما دمت في بداية رحلة القراءة ولا تأخذك الحماسة بالاستكثار.

ومن المهم تفحص الكتاب ما دمت في المكتبة فأنت في مجلس الخيار فإذا أخذت كتاباً من الرف لتشتريه لا تكتف بعنوانه بل تفحصه جيداً بقراءة سريعة لمقدمته وفهارسه ومواضع عشوائية من صلب الكتاب.

فـــــــــ إذا كنت في حاجة إلى الكتاب وتملك ثمنه فلا تتردد في شرائه ولا تشعر بتأنيب ضمير كما يقولون والعجيب أنك ترى الإنسان يدفع الآلاف لأجل أمور لا أقول إنها من "الكماليات" بل هي من البذخ والبطر واللعب واللهو ثم هو لا يبالي ولا يتردد وإذا جاء عند الخير والعلم والمعرفة وأبوب البر والصدقات تردد مرات وكرات، وهذا لا شك خلل كبير ومن عجائب النفوس

 

سخاء النفس بالإنفاق على الكتب دليل على تعظيم العلم وتعظيمُ العلم دليل على شرف النفس

 

فعند شراءك لكتاب معين عليك بتصفح مقدمة المؤلف : وهذه مهمة، ويجب أن تقرأها كاملة مهما طالت لأنّ المؤلف سيوضح لك موضوع الكتاب وخطته فيها ودوافع تأليف الكتاب إلى غير ذلك.

 

ومن النصائح الجميلة التي نقدمها للقارئ عليك بـــــــــــتقييد الفوائد ففي بداية القراءة قد تنبهر بأي شيء يمر بك، وكلما اتسعت قراءتك قلت الفوائد التي تشدك، ومع الوقت ستضحك من نفسك على الفوائد التي قيدتها ! عندما نقيّد الفائدة فنحن نتجاهل البديهيات.

 

قال ابن المقفع : ( إذا أكرمك الناس لمال أو سلطان فلا يعجبك ذلك فإنّ زوال الكرامة بزوالهما ولكن يعجبك إن أكرموك لأدب أو علم أو دين )

 

هذا الكلام حكيم وجميل وحري بالتقييد بمعنى إنّ الإنسان إذا كان غنياً ذا منصب قد يغتر باحتفاء الناس به ويفرح لذلك ويظن أنهم يحبونه لذاته لكنه إذا فقد منصبه وافتقر عرف أن ذلك سراب ونفاق اجتماعي وما الإكرام الحقيقي إلا الإكرام لأجل علم أو أدب أو دين لأن هذه الأمور ثابتة لا تزول والمال والمنصب يزولان.

 

فمن الممكن أن تكون قد نشأت في مجتمع لا يشجع على القراءة. أو كنت لا تحب القراءة ولا تلتفت لها، أو أن ثقل الكتبيشعرك بالملل هذا لسان بعض الشباب المبتدئين بالقراءة ومن هنا نذكر لك بعض الحيل لتجاوز هذا الملل والدخول لعالم القراءة

فثقل الكتاب قد يتحول إلى حب والملل قد يتحول إلى متعة، وأنه لا يشترط أن تنشأ في مجتمع قارئ، ولا أن تكون رضعت القراءة في المهد .

ومن الطرق العملية المجربة لدفع الملل : هو أن تتوقف عن القراءة وتستريح بعد عشر دقائق مثلاً أو ربع ساعة، ثم تعود إلى القراءة ثم تتوقف كلما شعرت بالملل مدة وتعود ،وهكذا.

ينبغي أن تأخذ نفسك بالتدرج وتحتال عليها وهذه إحدى الحيل النفسية التي أنصح بها

فإذا وقعت في حب القراءة ستقل الوقوف بلا شك.

ومن الطرق الأخرى أيضاً : مكافأة النفس. والنفس كالطفل تماماً تحتاج أن تحتال عليها بأنواع الحيل والخدع كي تنقاد لك . ومن الحيل النفسية أن تكافئ نفسك فتقول مثلاً : إذا ختمت هذا الفصل فسأتصفح تويتر لدقائق ونحو ذلك من الحيل وهذه الحيل التي ذكرتها لك ليست كلاماً إنشائياً لأملأ به صفحات الكتاب بل هو كلام تصدقه التجربة .

أيضاً التنويع في مجالات القراءة لأن هذه الطريقة ستشعرك أن هناك الكثير لتكتشفة في عالم القراءة .

أيضاً نرى بعض الناس يشتكي من وسائل التواصل الاجتماعي كونها تسرق أوقاته وتصده عن إكمال الكتاب وبعض القراء يضطر أن يقطع النت أو يغلق الجوال حتى لا ينشغل عن القراءة ولا مانع عندي من ذلك وإن كان ذلك - فيما أرى - يدل على نوع من کل الضعف في التحكم بالنفس وكبتها والإنسان ينبغي أن يكون حازماً مع نفسه وإلا فلن يفلح فإذا حدد أن هذه النصف ساعة سيقطعها قراءةً : فليكن رجلاً وجاداً فـي ذلك.

 

 

أيضاً هناك عوائق تصادفك اُناء القراءة و من هذة العوائق التي تعرض لك عند القراءة : صعوبة النص، وهذه الصعوبة على نوعين

الأول : صعوبة في المضمون وهذا على قسمين. 

الأول : أن يكون معظم الكتاب واضحاً ولكن تمر بك بعض الفقرات أو بعض الصفحات الغامضة فما العمل ؟ إذا كانت المشكلة في صعوبة الموضوع والمضمون.

لا حرج أن تقرأه ولو دون فهم لأن الكلام غداً يفسر بعضه بعضاً وما لم تفهمه اليوم فستفهمه وبعض النصوص من طبيعتها أنها لا تفهم من المرة الأولى، فإذا قرأتها الآن ولم تفهمها ثم مرت بك مرة أخرى في كتاب آخر فإنها توشك أن تتكشف لك .

الثاني: أن يكون مضمون الكتاب كاملاً غير مفهوم، فهنا أنصحك أن تتوقف عن إكمال الكتاب وربما يكون صالحاً لك مستقبلاً .

الخلاصة : لا يشترط أن تفهم كل صغيرة وكبيرة في الكتاب لأنّ عملية القراءة هي عملية تراكمية فلا تكن أنك في ضيق بسبب لم تفهم الكتاب ١٠٠٪ بل لو فهمت نصفه أو معظمه : فهذا جيد في البداية ومع الوقت سيتحسن مستواك بشرط ألا تتوقف عن القراءة.

 

أيضاً بعض القراء يشعر حين الفراغ من الكتاب بأنه لم يستفد شيئاً وهذا في الغالب غير صحيح

فلا يخلو كتاب من فائدة  حتى الكتاب الضعيف استفدت منه أنه ضعيف وستتجنب الكتابات من هذه النوعية مستقبلاً .

القراءة عملية تراكمية لا تظهر فائدتها أحياناً في اللحظة نفسها وعند الفراغ من الكتاب فهي ليست مثل الطعام الذي تأكله فتشبع في لحظتها بل كثير من الكتب لا يظهر تأثيرها على عقلك وشخصيتك إلا بعد مدة. 

 

و أيضاً من الأوهام عند كثير من القراء حيث يظن أنه نسي كل ما قرأ والحقيقة أنه لم ينس كل شيء بل هو موجود في العقل الباطن وستراه بارزاً أمامك فجأة عند الحاجة

حاول أن تنسى ما قرأت لأننا نريد هذه المعلومات أن تذوب فيك وتختلط مع غيرها من المعلومات حتى تشكل لديك عقلية ناقدة مستقلة، أما أن تكون هذه النصوص حاضرة أمامك فإنها ستؤثر على عقليتك وتجعلك أسيراً لها ومقلداً لمضمونها. 

 

تلخيص الكتب ...

تلخيص الكتاب بعد الفراغ منه. وهي من الطرق النافعة لمن أحب تثبيت مضامين الكتاب في صدره فمن لخص كتاباً صعب عليه نسيانه إن شاء الله.

لا بد من وجود نية التلخيص قبل القراءة لأنّ هذا سيجعلك متيقظاً أكثر ومتنبهاً - ركز على الأفكار الرئيسة للكتاب وتجنب تفاصيل التفاصيل عند التلخيص - لخص الفكرة الأهم لكل فصل في ذهنك ماذا يريد أن يقول المؤلف في هذا الفصل ؟ لخصه في كلمات - إذا فرغت من الكتاب اكتب في ورقة أو ملاحظة : رؤوس الأقلام لأهم ما مر بك في الكتاب الخطوة الأخيرة : تلقي على أصحابك ما لخصته بأسلوبك وتستعين برؤوس الأقلام التي قيدتها وتتحدث معهم حول أفكار الكتاب مبيناً : اسم الكتاب والمؤلف ونبذة يسيرة عنه متى عاش، وتخصصه الخ) ثم تمر مروراً سريعاً على كل فصل في الكتاب، ثم تعطيهم انطباعك العام مبيناً المحاسن والمساوئ وتقييمك الكلي للكتاب . ومن فوائد هذه الطريقة أنها تكسر حاجز الخوف عند الإلقاء وتتدرب أمام أصحابك على التحدث والارتجال دون ورقة وتزرع الثقة بنفسك.

 

ومن خدع القراءة بعد أن تفرغ من القراءة ستأتيك بعض الأوهام فينبغي أن تكون على تنبه منها:

١- أن تظن أنك بقراءتك لكتاب أو كتابين في هذا الموضوع : قد أصبحت متخصصاً فيه ولا يُشق لك غبار وهذا من خدع القراءه

٢- أن تصاب بالغرور والعجب وتترفع على من حولك ممن لم يُكرمه الله بنعمة القراءة" فتتعالى عليهم وتزدريهم وتحتقرهم وترى نفسك أكرم وأجلّ منهم(فليتكَ ثم ليتك ما علمت ولا قرأت قلبك ولا تثقفت )

والقراءة النافعة هي : التي تأخذك إلى التواضع ولين الجانب ودمائة الخلق ورحمة الخلق وتقوى الله تعالى لأنك تعلم ما يعلمون. 

 

٣-  أن تظن أن الكتب تغنيك عن الحياة ومخالطة الناس، والسفر في الأرض فالحياة تعطينا دروساً مجانية ودورات عملية دون نشعر، فأنت ترى الرجل الذي تزوج وعاش مع زوجته سنين يفهم من خبايا النساء وأسرار الحياة الزوجية ما لا يفهمه من لم يتزوج واكتفى بقراءة كتاب أو كتابين وقس على هذا بقية شؤون الحياة . لذلك من اختار العزلة في المكتبة للقراءة وحُببت إليه الخلوة فليوفقه الله ولكن لا يحق له أن يتكلم في شؤون الناس الدقيقة اعتماداً على ما يقرأ فإنّ الواقع شيء والكتب شيء آخر. 

والكامل الفاضل هو الذي جمع بين هذه الأمور الثلاثة : القراءة والمخالطة والسفر فمن استكمل هذه الثلاث فقد استكمل أسباب الفهم والوعي والحمد لله

 

كتب الروايات ...

الرواية هي: قصة خيالية هذا هو الأصل وأحياناً تكون القصة حقيقية ولكنها كُتبت بأسلوب روائي. والمقصود بالأسلوب الروائي : هو الأسلوب الذي يعتمد على الإثارة والمفاجأة والحبكة والغموض وتكون هناك شخصيات وأحداث تجري في أمكنة وأزمنة حقيقية أو خيالية. إذن الرواية باختصار شديد: هي فيلم أو مسلسل مكتوب

 

أحب أن أذكر رأيي فيها مبيناً محاسنها ومساوئها :

فالرواية تُعد أفضل وسيلة لتحبيب الإنسان في القراءة والكتب ولا يستطيع أن ينكر أحد تأثير القصص على الإنسان ومدى حبه لسماعها مع علمه ويقينه بأنها من وحي الخيال، فكيف لو كانت قصة حقيقية؟

ومنها : أنّ الرواية تساعدك على توسيع الخيال، وهذا مفيد للأديب والكاتب. ومنها : أنّها تيسر عليك العسير وتقرب إليك البعيد فمثلاً قد تعزم على قراءة كتاب في الفلسفة لكنك تجده ثقيلاً عليك فإذا قدمت لك المادة الفلسفية على صورة رواية : تقبلته نفسك وسهل عليك.

ومنها : أنّ الرواية وسيلة ترفيه وتسلية ممتعة لأنّ كثرة القراءة في الكتب الجادة قد توقعك في شيء من الضجر والسأم فتروح عن نفسك بقراءة رواية. والأحسن عندي أن يكون الترويح بقراءة كتب الأدب والقصص الحقيقية والتراجم والسير الذاتية والمذكرات والذكريات والرحلات فمنذ أن وقعت في غرام هذا اللون من الكتب . أعرضت عن الروايات إلا نادراً، لأنني وجدتُ فيها : التسلية والفائدة معاً.

وأما مساوئ الروايات فمن عدة وجوه منها : أنها تخدع الإنسان فتوهمه أن كثرة القراءة في الروايات تجعله مثقفاً وذلك بسبب الكم الهائل الذي يمرّ عليه من المعلومات في فترة وجيزة

والروايات لا تصنع منك عالماً ولا مثقفاً، لأن " الرواية" ليست علماً من العلوم المعتمدة بسبب أنها تخلط بين الخيال والواقع وإنما هي فن من فنون " الأدب الحديث "و الهدف الرئيس منها هو التسلية والمتعة . إنّ الرواية لا تعطيك لغة عالية ولا مفردات فصيحة فالروايات لا تحسن اللغة بل تفسدها ومن اعتاد القراءة في كتب اللهو والتسلية والقصص وأدمنها ثم أراد القراءة في الكتب الجادة ثقل عليه ذلك إن الروايات مضيعة للوقت فيما لا فائدة فيه واللهو إذا أفرط فيه الإنسان وتوسع فيه صار ذماً ولستُ أدري كيف يطيق بعض طلاب العلم قراءة رواية في أربع مجلدات وخمس فالحياة أقصر من ذلك والعلم النافع: غزير وبالكاد يستوعب العمر المرور على مهمات العلم وأصوله وفروعه .

وأنا أعلم أنه سيقرأ كلامي هذا عشاق الرواية وسيرمونني عن قوس واحدة بالجهل والتنطع وتحجير الواسع وأنه يوجد في بعض الروايات من العمق والتحليل النفسي والاجتماعي والسياسي والتاريخي الشيء الكثير . فمن أراد التاريخ فدونه كتب التاريخ ومن أراد التحليل النفسي فدونه كتب علم النفس ومن أراد التحليل السياسي فدونه علم السياسة وهلم جرا .

إني لست أحارب قراءة الرواية بل إني إلى الآن أقرأ فيها نادراً،ولكني أنزلها قدرها ولا أعطيها أكبر من منزلتها ولا أعطيها إلا فتات الوقت ولا أدعي تحصيل المعرفة منها بل أقرأها لمآرب أخرى.

 

بقي سؤالان ...

الأول : هل تنكر أنّ الرواية وسيلة جبارة لتمرير الأفكار إلى الناس؟ فلماذا لا نستغل ذلك لغرس الخير والحق في الناس؟ فلماذا لانستغل ذالك لغرس الخير والحق في الناس؟

الجواب : لستُ أنكر ذلك بل هذه إحدى محاسن الرواية التي ينبغي أن تضم مع ما تقدم من نظيراتها، وهي في دورها ذلك مثل الفيلم والمسلسل والشعر ألا ترى أن الكلام أحياناً يكون مبتذلاً فإذا صاغه الإنسان شعراً لقي رواجاً وقبولاً ؟ فكذلك الرواية : إذا جعلها الإنسان وسيلة لبث ما عنده من أفكار نيرة في جيل الشباب كان حسناً، ولا غضاضة على ­صاحب الحق أن يستعمل كل الوسائل المتاحة والمشروعة لنشر الخير ولكن هذا النوع من الروايات قليل بالنسبة للغثاء الكبير الذي نراه في المكتبات كما أن مستواه الفني ما زال ضعيفاً.

الثاني: لماذا أنتَ منزعج من قراءة الشاب للروايات وإعراضهم عن العلوم والمعارف؟ هل مطلوب من كل شباب الأمة أن يكونوا علماء وباحثين ومثقفين؟ أليست هذه سنة الله في أرضه أن خلق للحق والعلم والبحث رجالاً، ورجالاً لقصعةٍ وثريد ؟

الجواب : لا يمكن لكل القراء أن يكونوا على قلب واحد من العلم والمعرفة وليس كل أحد يُفتح عليه في كتب العلم وإنما هو محض توفيق من الله تعالى ولا تثريب عندي على من عكف على الروايات فهي بالنهاية من جنس المباحات وإنما شننت أنا الغارة على من يدعي أنه عاكف على العلم والثقافة بقراءة هذه الروايات . فالروايات مفيدة جداً لمن رغب في دخول عالم القراءة وتحبيب نفسه إلى الكتب فإذا ارتاض على القراءة وألِف الورق فليتخفف منها تدريجياً ويجعل

سنام الوقت وصفوة العمر في متين الكتب التي تصنع العقل وتصقل الشخصية وترفع الإيمان وتحسن اللغة، ومن حببّ الله إليه ذلك وفتح عليه لذة العلم لم يتلف وقته في التسلية، لأن في العِلْم بالأشياء لذة لا توازيها لذَّة"  

 

من ناحية الكتب الأجنبية : لا حظتُ أنّ بعض شبابنا ممن فتح الله عليه في القراءة لا يعرف شيئاً عن الكتب العربية ولا تراه يقرأ إلا في كتب –الأجانب وقبل أن يتهمني بعض القراء بضيق الأفق" أحب أن أبشره بأني أدعو إلى الاستفادة والانتفاع من أي كتاب على وجه الأرض مهما كانت لغته وديانته وثقافته بل إن من كمال المرء وعلو رتبته وتوفيق الله له: أن يسر له فرصة للاطلاع على الثقافات الأخرى وعلومهم، ولا ينكر فوائد ذلك إلا جاهل ولكن عندي شرط واحد لذلك : وهو أن يكون قد أخذ حظه من دينه وثقافته وهويته وتراثه، ثم ليطلع على ما شاء من علوم الشرق والغرب وكتبهم. ما يحصل الآن من بعض شبابنا أنك تجده أجنبي القلب والهوى والتفكير والمشاعر واللغة والأحاسيس يكتب ويعبر ويقرأ بلغتهم وطريقتهم، ولا يعرف شيئاً عن دينه وثقافته وهذا لا شك أنه احتلال فكري، قد يكون أشد في بعض وجوههِ من الاحتلال العسكري لو كنا نعقل . وكم يؤلم الإنسان أن يرى مئات الباحثين الغربيين الجادين الذين تنبهوا مبكراً إلى عظمة التراث العربي الإسلامي، وانكبوا عليه بحثاً ودرساً وترجمة وتأملاً قديماً وحديثاً وبعض شبابنا عن ذلك كله غافلون .

اقرأ ما شئت من كتب الشرق والغرب بعد أن تأخذ حظك من ثقافتك .

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ألبوم يحتوي على أقدم صور متوفرة عن الأحساء منذ 1908

أنواع الإضاءة – إضاءة الأستوديو(5)