ملخص كتاب: من تاريخ الحركة النسوية اليهودية

 


ملخص كتاب 
من تاريخ الحركة النسوية اليهودية 

المؤلف : الدكتور جعفر هادي حسن  // دار النشر: الوراق للنشر  // الطبعة الأولى للوراق 2022 لندن_بغداد 

*تاريخ ظهور الحركة النسوية اليهودية*

ظهرت الحركة النسوية اليهودية في النصف الثاني من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت أسباب ظهورها تختلف عن الحركات النسوية الأخرى مثل الحركة الأمريكية التي سبقتها زمناً، فالحركة النسوية الأمريكية ظهرت تطالب بالعدالة للمرأة ومساواتها مع الرجل في الحقوق، كحق التصويت وحق التعليم وحق الملكية إلى غير ذلك، بينما كانت الحركة النسوية اليهودية قد بدأت بمطالبتها الحاخامات بإعطائها دوراً في القضايا الدينية ومشاركتها فيها، مثل دورها في إدارة الكنيس وفي مشاركتها في الصلاة، وحقها في أن تكون حاخامة وتؤم الصلاة، وغيرها من القضايا المتعلقة بالدين. وكذلك طالبت الحاخامات في أن يغيروا نظرتهم الدونية نحوها، حيث عوملت لقرون معاملة إنسان من الدرجة الثانية. وبمرور السنين توسعت مطالب الحركة أخذت تطالب بإظهار دور المرأة الذي أهمل في التاريخ اليهودي، وفي التوراة، حيث رأت الحركة أن التاريخ اليهودي هو تاريخ ذكوري يعطي أهمية للرجال ويشيد بأدوارهم ويبرز أعمالهم، بينما هو يهمل دور المرأة في صناعته.

وكان من الأمور التي ألحت عليها الحركة وطالبت بتحقيقها، هو أن يسمح للمرأة اليهودية أن تكون حاخامة تقوم بما يقوم به الحاخام الذكر في الكنيس من قيادة الصلاة والمشاركة في إدارته والإشراف عليه، وكان هذا قد تحقق لها بعد سنين طويلة من مطالبتها. فأصبح عدد النساء الحاخامات اليوم في هذه الفرقة يساوي عدد الرجال من الحاخامات وأصبحت هناك كنس خاصة بهن وأخذت النسويات يطالبن بإيجاد احتفالات خاصة بالبنات والنساء وقمن بابتداع عدد لا بأس به من هذه المناسبات الخاصة.


*نظرة بعض المفكرين والفلاسفة الغربيين ورجال الدين للمرأة قبل العصر الحديث*

المعروف أن النظرة إلى المرأة في الحضارة الأوروبية كانت نظرة دونية على أنها مخلوق من الدرجة الثانية نسبة إلى الرجل في استيعابها وقدرتها الفكرية. وكانت هذه النظرة منذ عصر الفلاسفة اليونانيين الأوائل. فالفيلسوف اليوناني أفلاطون (ت 427 ق.م.) كان يرى قدرة المرأة أقل من قدرة الرجل وقد شكر الآلهة لأنه خلق حراً وليس عبداً ، وثانياً أنه خُلق رجلاً وليس امرأة.

وكذلك اليهودي يقول في صلاة الصبح مبارك الرب الذي لم يخلقني امرأة بينما تقول النساء مبارك الرب الذي خلقني طبقاً لإرادته. وقال القسيس أمبروز قسيس ميلان: إن حواء يجب أن تلام أكثر من آدم في الخروج من الجنة، لأنها بعد أن أكلت التفاحة مباشرة عرفت أنها مذنبة ولكنها استمرت بإقناعه، لأنها كان يجب عليها أن لا تجعل زوجها يشارك بالذنب الذي اقترفته والذي كانت تعرفه. فهي أذنبت عن عمد. واستمرت هذه الأفكار في الحضارة الأوروبية والديانة المسيحية، إلى ما قبل ظهور الحركة الحديثة، حيث أخذنا نقرأ نقداً مهيناً للمرأة، بخاصة من القسس ورجال الدين المسيحيين. وحتى عند بعض علماء الاجتماع من الأوروبيين وكذلك من غيرهم.


*ظهور الحركة النسوية الأمريكية الحديثة* 

الحركة النسوية الأمريكية كانت بداياتها في نهاية القرن الثامن عشر ، وأهم أسباب ظهورها هو النظرة الدونية التي ذكرناها سابقاً. ويرى باحثون أن ظهور الحركة النسوية كان بالتوازي مع ظهور حركة إلغاء التمييز العنصري إذ من خلال حركة إلغاء التمييز العنصري تعلمت النساء المطالبات بحقوق المرأة. كانت المنظمة الرئيسة لأول مؤتمر قومي للحركة النسوية الذي عُقد في نيويورك في تموز / يوليو عام 1848م. وتعتقد بعض الباحثات أن هذا المؤتمر يُعتبر بداية الحركة النسوية الأمريكية. وفي بداية القرن التاسع عشر اتجهت المطالبات بحقوق المرأة إلى العمل المنظم، فأسسن في الولايات المتحدة الأمريكية حركة باسم حركة حقوق المرأة.

 أيضاً  ماسمي بالموجة الأولى وهي حركة إلغاء العبودية في القرن التاسع عشر، قد أثرت على الحركة النسوية في تنظيم الحملات والاجتماعات العامة، وكانت النساء في هذه الحركة قد أجيز لهن أن يخطبن أمام الناس وعملت الحركتان بالتوازي، في تحرير العبيد وتحرير النساء.

حاولن أن يدخلن البرلمان بالقوة في عام 1910م، وعلى إثر ذلك كانت هناك اعتقالات، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن النساء في هذه الفترة كن يطالبن أيضاً بمنع تداول الخمور، واعتبرن المنع من المسائل التي تخص الحركة النسوية وقلن بأن الإنفاق على الكحول يؤثر اقتصادياً على العائلة، إضافة إلى أنه يؤثر على مزاج الرجل فيعتدي على المرأة جسدياً ويسيء ء معاملة الأولاد. وقد أثرت مطالبة الحركة في الحكومة فمنعت حكومة الولايات المتحدة بيع الكحول من عام 1919م لأربع عشرة سنة.

بعدها ظهرة ما سُمِّي بالموجة الثانية للحركة النسوية الأمريكية في منتصف القرن العشرين. وعلى الرغم من أن هذه الموجة تؤرخ بصدور كتاب Feminine Mystique للكاتبة اليسارية بتي فريدن الأمريكية عام 1963م وهي كانت يهودية.

وأنشأت فريدن Betty Friedan في عام 1966م، مع زميلات لها، منظمة وطنية نسائية في الولايات المتحدة الأمريكية باسم National Organization for Women وأصبح مختصرها (NOW)، واعتبرت هذه المنظمة أول منظمة سياسية خصصت لقضايا المرأة، بعد حركة حق التصويت للمرأة التي سبقتها بخمسة عقود. ورأست المنظمة بتي فريدن نفسها لبضع سنين حيث اضطرت لتركها بعد ضغط من عضوات أخريات اختلفن بالرأي معها في بعض القضايا، كان منها تشجيع السحاق، إذ هي كانت ترفض تبني هذه القضية لأنها كانت ترى أن هذا الأمر لو تبنته المنظمة لكان سيبعد الكثير من النساء عن الحركة. وحلّت محلها غلوريا شتينم  Gloria Steinem لكثرة نشاطها وتحركاتها في طول البلاد وعرضها. وهذه المنظمة اليوم معتمدة في الكونغرس الأمريكي في القضايا التي تتعلق بالمرأة وحقوقها.

وجاء في بيان المنظمة أنها لا تقبل الافتراض التقليدي، أن المرأة عليها أن تختار بين الزواج والأمومة من جانب والمشاركة في الصناعة وامتهان المهن من جانب آخر، بل يجب أن يكون هناك مشاركة حقيقية بين الجنسين التي تتطلب إيجاد مفهوم مختلف للزواج ومساواة للمشاركة في المسؤولية». وكانت من مطالب هذه المنظمة إزالة التفرقة بين الجنسين، والتوقف عن التحرش الجنسي بالنساء في المكاتب والمدارس، والسماح بإسقاط الجنين إذا رغبت المرأة بذلك، وحرية منع الحمل، وكذلك رفض العنف ضد النساء، وغير ذلك من مطالب أصبحت مميزة فيما بعد للحركة النسوية.وعلى الرغم من الفوائد التي جنتها المرأة الغربية وحصلت عليها، وأصبحت نموذجاً لنساء العالم الثالث. إلا أن الحركة النسوية أفرزت بعض النتائج السلبية في حياة المرأة والمجتمع بصورة عامة ومن بعض هذه القضايا المهمة مثل قضية الإسقاط وكذلك النقاش حول الصور الجنسية وكذلك السحاق (المثلية)، بل حتى حول نظام الزواج نفسه المعروف حالياً، حيث كانت هناك دعوات منذ بداية الحركة النسوية لترويج الزواج المثلي، بدل الزواج المعروف، حتى إن كتباً ألفت في هذا الموضوع، بل بعضهن دعون إلى التخلص من الرجل. وقد أصبح الخلاف بين النسويات شديداً.

وقد أصبحت فكرة أن الزواج عبودية في نظر أعضاء الحركة النسوية فكرة مقبولة. ويقولون عن نظام الزواج «إنه نظام تطوّر من ممارسة الاغتصاب. وكان الاغتصاب قد عرف في الأصل على أنه اختطاف، وبمرور الوقت أصبح زواجاً بالأسر، وأصبحت المرأة ليس فقط للعلاقة الجنسية، بل مملوكة. و يجب التخلص من الزواج لأنه عبودية. فمن الواضح أن على الحركة أن تركز على تحطيم هذا النظام، وأن حرية المرأة لا يمكن أن تتحقق بدون تدمير الزواج.

 

* ظهور الحركة النسوية اليهودية*

ظهرت الحركة النسوية اليهودية (الحديثة» باندفاع قوي في الولايات المتحدة الأمريكية في النصف الثاني من القرن العشرينوكان ظهورها متزامناً مع الحركة النسوية الأمريكية الحديثة، التي سُمِّيت فيما بعد بحركة تحرير المرأة. وكانت مطالبها أساساً لتحقيق ذات المرأة وشخصيتها والحصول على حقوقها في الديانة اليهودية خاصة. وتتمثل نظرة الحاخامات الدونية إلى المرأة في عدة قضايا تأخذها الحركة النسوية عليهم وتنتقدهم بها. ومن ذلك ما جاء عنهم في وصفهم لها بأوصاف غير لائقة. كوصفهم لها أنها متعجرفة، وناشرة للإشاعة وأحاديث الإفك، ومنهمكة في القيل والقال، ومسترقة للسمع وصراخة وحسودة، ومتسكعة من أجل المتعة. وقالوا عنها إنها مخلوق تافه ولعوب، ورغبتها الجنسية لا حدود لها، وأنها إذا لم تُعط عملاً تشغل نفسها به، وتراقب من بعيد فإنها تفلت من العقال، وتخرج عن السيطرة. وإن أي شخص يتكلم كثيراً مع النساء، فإنه يجلب الشر على نفسه ويخالف التوراة ويدخل جهنم». ومن أقوالهم في المرأة كذلك قولهم إن المشي خلف الأسد أكثر أماناً من المشي خلف المرأة. إن نظرة المرأة الحائض تسمم الجو... إنها مثل الأفعى التي تقتل بنظرتها، فكم هو الضرر الذي تجلبه للشخص الذي ينام معها ويجب أن تعزل ولا تكلم أحداً ... بل إنها تنجس التراب الذي تمشي عليه. وإن من ينام مع الطامث يبعد الحضور الإلهي من العالم، إذ ليس هناك نجاسة في العالم أشد من نجاسة المرأة الطامث. وهنا تنتقد الحركة النسوية الحاخامات هو حرمانهم لها من التعليم والتعلم، إذ كان التأكيد طيلة القرون الماضية على تعليم الأولاد الذكور، وجاء في رسالة قدوشيم (أو ب) في التلمود «إن الواجبات نحو الدين مفروضة على الأب، وليس على الأم، فالنساء مستثنيات». وهم اعتمدوا في هذا على ما جاء في سفر التثنية: «اسمع يا إسرائيل تعلمها لأبنائك . وهنا فسر الحاخامات هذا النص على أن التعليم يقتصر على الأبناء دون البنات. وخلال التاريخ اليهودي لم تقرب المرأة الحياة الثقافية، في المجتمع اليهودي. ولذلك كانت نسبة الأمية بين اليهوديات عالية جداً في الأزمنة الماضية. وترى الحركة النسوية أن ما قام به الحاخامات خلال القرون الماضية يكون عقبة في إحداث التغيير. ولكن بعد العصر الذي سُمِّي بعصر تحرير اليهود في أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبعد أن أعطي اليهود حقوقاً، والتي جعلتهم على قدم المساواة مع أبناء البلد الذي هم فيه، أخذت سيطرة الحاخامات تضعف. وبدأت بعض المجموعات من اليهود المتأثرين بالقوانين التي صدرت من الحكومات الأوروبية لصالحهم تخرج عن سيطرة الحاخامات، إما لأنها علمانية، أو لأنها أنشأت فرقاً دينية أخرى على قدم المساواة مع الفرقة السائدة (الأرثوذكس)، التي كانت الوحيدة والتي كان الحاخامات يسيطرون من خلالها على المجتمع. وكان من الطبيعي أن يكون لهذا التحرر من ربقة الحاخامات تأثير على المرأة، خاصة ضمن هذه المجموعات التي ظهرت. لأن هذه المجموعات الجديدة أرادت بالأساس فك القيود اليهودية الأرثوذكسية عنها والتحرر من تشدّدها، ومن ثم إزاحة السيطرة الذكورية عليهن. ولكن نتائج هذا التأثير على المرأة لم تظهر إلا بعد عقود، إذ لم يكن من السهل رفع قيود استمرت لعدة قرون بين ليلة وضحاها. وأخذت بعض النساء المهتمات بفك قيود المرأة يكتبن ويتكلمن عن حقوقهن. وانطلقن من المطالبة في أن يكون للنساء موقع رئيس وغير مهمش في الديانة اليهودية، وإعطاؤهن فرصة مساوية أو شبه مساوية للرجل في الواجبات الدينية في العبادة، وفي النشاط الديني وفي إدارة الكنيس. فطالبن بأن يكن حاخامات ومنشدات دينيات، وعضوات في مجالس الكنس، ومسؤولات تربية دينية، ومشاركات في الصلاة إلى غير ذلك. ثم توسعت مطالبهن في المراحل اللاحقة حيث شملت القضايا الثقافية والاجتماعية، وأموراً أخرى غيرها. وهكذا نشأت الحركة النسوية في اليهودية بطريقة تختلف عن غيرها من الحركات النسوية الأخرى. حيث طالبن بحق التساوي مع الرجل في الحقوق والمسؤوليات وانتقدن فيه معاملة الديانة اليهودية للمرأة، وطالبن بالأمور التالية: أن يسمح للنساء في أن يكن أعضاء في الكنيس. وأن يكن جزءاً من المنيان ( وهو العدد المطلوب في صلاة الجماعة وأقله عشرة، وهو عادة يقتصر على الرجال البالغين ولا تعد المرأة جزءاً منه كما الطفل). وأن يسمح لهنّ بممارسة الشعائر الدينية بشكل كامل كواجب عليهن مثل الرجال. وأن يسمح لهنّ بأداء الشهادة التي هي عادة مقتصرة على الرجال). وأن يسمح لهنّ بطلب الطلاق بدل أن يكون الطلاق من قبل الرجل فقط. وأن يسمح لهنّ كذلك بأن يكن حاخامات ومنشدات في الصلوات، في الكنيس وفي الجماعة اليهودية. ماه ت وأن تشجع النساء على الانضمام إلى اللجان التي تأخذ القرارات ويكون لهن دور قيادي. وقلن في نهاية البيان بأنه خلال ثلاثة آلاف سنة كان نصف الشعب اليهودي مغيباً عن المشاركة في نشاطات الجماعة اليهودية، وندعو إلى إنهاء كون حالة المرأة من الدرجة الثانية في الحياة اليهودية.

*ظهور منظمات يهودية نسوية*

منذ ظهور الحركة النسوية اليهودية، توالى إنشاء ظهور المنظمات والجمعيات التي تهتم بحقوق المرأة ففي العام 1980م ظهرت منظمة New Jewish Agenda في الولايات المتحدة الأمريكية كمعارضة للاتجاه المحافظ الذي أخذ يظهر بين اليهود في هذه الدولة، واستمرت حتى العام 1992م، وكان لها خمسون فرعاً في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1983م حدث شيء مهم لصالح الحركة، إذ وافقت فرقة اليهودية المحافظة على قبول الإناث في معهد تخريج الحاخامات. وكانت الدفعة الأولى التي قبلت تتكون من تسع عشرة طالبة. وقد تخرجت أولى الحاخامات عام 1985م. كما أنشأت النسويات الأرثوذكسيات منظمة خاصة بهن عام 1997م.

 وترىالحركة النسوية اليهودية، ضرورة ابتداع مناسبات واحتفالات خاصة بالمرأة ليقابل بعضها احتفالات الرجل وتقول الحركة، إن عدم وجود هذه الاحتفالات إنما هو جزء من تهميشها التاريخي. ولذلك أخذت الحركة تنشئ وتبتدع بعض الاحتفالات لبعض الحالات الخاصة بالنساءفأصبحت أحداث مثل الولادة، والفطام، والبلوغ، والزواج والطلاق وسن اليأس والعقر والحمل وسقوط الحمل، والإجهاض والشهر الجديد، والتقاعد، والموت مناسبات تحتفل بها الحركة النسوية وتحتفي بها في أوقاتها. وهي مستمرة بالزيادة ولا أدري أين ستتوقف. أحد أهم الأمور التي تناقشها الحركة النسوية، هو إعادة كتابة التاريخ اليهودي وفهمه من وجهة نظرهن وتحدي التاريخ اليهودي الحالي، الذي كتبه الرجال كما يقلن. حيث حققن ويحققن نجاحاً. بل يصرون على أن الرجال والنساء كلاهما قاموا وقمن بصنع هذا التاريخ. وتقول الحركة إنه من غير الممكن تغيير اليهودية الحالية إلا إذا غيرنا الماضي، لأن حاضرنا هو نتيجة ماضينا. إننا لا نقبل أن يعتبر الرجال هم وحدهم الذين شكلوا تاريخ اليهودية، بل كان للنساء دور أيضاًوبهذا نسترجع تاريخنا كنساء، ويكون تاريخ اليهود كاملاً للرجال والنساء . وبمحاولة استرجاع تاريخنا ضمن اليهودية النسوية فإننا سنعارض نصوص التوراة لأنها نصوص ذكورية كتبها الرجال فقط.

وتقول النسويات، كان إنشاء إسرائيل كوطن لليهود في فلسطين قد وفر فرصة لا مثيل لها للبدء من جديد بالنسبة إلى وضع المرأة، ليكون لها دور في تشكيل التاريخ وتحديده إلى جانب الرجل، بخاصة أن أكثر الصهاينة كانوا ضد آراء التعاليم الأرثوذكسية حول المرأة ودورها، وكانت وجهة نظرهم إيجابية في أن تكون هناك بداية جديدة للمرأة، التي تريد أن تنزع عنها القيود التي فرضت عليها في التقاليد اليهودية، وأن تعيش حياة كاملة مثل الرجل وإلى جنبه. وعلى الرغم من أن الفكرة الفنتازية عن المرأة في إسرائيل، في أنها حققت حريتها والمساواة بينها وبين الرجل، فإن هذا في الواقع لم يتحقق، إذ إن مساواة الرجل بالمرأة لم تكن مسألة جدية في حقيقتها، ولم تكن هدفاً اجتماعياً مهماً. وكانت المرأة قبل ظهور الدولة، تحاول أن تعمل مثل الرجل في القيام بالزراعة ومحاربة العدو، وطمر المستنقعات إلى غير ذلك، وكانت تأمل أن تحقق المساواة مع الرجل في مجتمع لا يفرق بين الرجل والمرأة، كما كانت تقول الصهيونية. وعلى الرغم من دعاية الصهيونية العمالية - التي كانت النساء مرتبطة بها لتحرير المرأة، فإن هذه الفكرة ظلت غير مطبقة عملياً، وبقي وضع المرأة اليهودية على ما هو عليه، وظلت في الدرجة الثانية بعد الرجل، حيث اهتمت الحركة الصهيونية بالقضايا التي تتعلق بتكوين البلد اليهودي الجديد وإعطائها الأولوية. وتقول إن أمل النساء الذي كن يطمحن له في تحقيق المساواة كما قالت الصهيونية، لم يتحقق، سواء أكان في الجيش أم العمل أم مسؤولية العائلة أم في المحاكم الدينية. وكان المجتمع الإسرائيلي وظل إلى اليوم، مجتمعاً عسكرياً وذكورياً بامتياز، وبقيت المرأة مواطنة من الدرجة الثانية وظل الجيش هو المنطلق في السياسة والصناعة، ولأن النساء لا يمكنهن الحصول على مراتب عالية في الجيش فإنهن حرمن من الحصول على مراكز عالية في الحكومة والاقتصاد والأسوأ من هذا هو سيطرة الأرثوذكس، والمتشددين خاصة على المحاكم التي تعنى بقضايا الأحوال الشخصية وغيرها . فكل أعضاء المحكمة الدينية هم من الرجال عندما تناقش قضايا الطلاقولذلك قامت بعض النساء في إنشاء منظمات نسوية، مثل منظمة اتحاد النساء للمساواة الذي أنشأته استريفين مع أخريات في عام 1919م وكان شعار الاتحاد قانون واحد ودستور واحد للرجال والنساء في إسرائيل.

وفي عام 1951م أقرّت إسرائيل قانوناً يؤكد مساواة حقوق المرأة بالرجل، ولكن كانت ضمنه قيود قيدت من تطبيقاته عملياً، بخاصة وأنه استثنى من هذا التشريع الزواج والطلاقوقد تمكنت النسويات من تحقيق شيء مهم في عام 1977م، وذلك بإنشاء حزب نسائي، وهو أمر تفردت به إسرائيل. وقد كانت مطالب الحزب عديدة تتعلق بالمرأة، منها وضع المرأة كربة بيت، والأمهات غير المتزوجات، وأجور المرأة، والنساء الفقيرات ووضع المجندات، والنساء السجينات وكذلك قضية المومسات، والعنف ضد النساء، وحقوق الأطفال

رغم ظهور الحركة النسوية اليهودية  بمؤيدين لها ولكن ايضاً هناك معارضين لهذه الحركه ومنهم.

 تقول بلاو غرينبيرغ  Blu Greenberg، وهي نسوية أرثوذكسية قد رأت فيها جوانب سلبية. فمن هذه الجوانب التي تذكرها، أن الحركة أثرت على اليهود الأمريكان سلباً، وذلك بإنقاص عددهم، وكذلك في زيادة حالات الطلاقوهذا التغيير ببساطة هو كالآتي، ففي السابق في المجتمع اليهودي كان للزوجة والأم دور مهم ورئيس، وحتى العقم عند المرأة كان يعتبر فشلاً في حياتها.

 وتقول ريتا غروس Rita Gross وهي امرأة نسوية وإحدى مؤسسات ثيولوجي النسوية. عندما أنظر إلى المجتمع الذي أعيش فيه بعد ثلاثين سنة من الحركة النسوية أسأل نفسي عن الخطأ الذي حدث في هذه الحركة، ومع أني لا أريد للنساء أن يرجعن إلى ما كن عليه قبل الحركة، ولكنه من الواضح لي أن عدة أوجه من وضعنا قد أصبح أسوأ وليس أفضل منذ ظهور الحركة. فبعد ثلاثين سنة من الحركة النسوية أرى أن الثقافة أسرع، وأن الحياة أكثر مادية واعتدائية والمنافسة على أشدها. والناس اليوم يعملون ساعات أطول في عزلة وظروف غريبة، وأصبحت الصداقة قضية عابرة في سلوكنا، ليس لأحد وقت لها، والمرأة تشارك في هذا العالم المجنون بشكل كامل. فالنساء اليوم يعملن بكل ما يعمل به الرجل حيث كان ذلك خاصاً بالرجلإن القضية لا تعني أن الحركة النسوية خلقت لليهودية مشكلة لاحل لها، ولكن القضية أن اليهودية ماتت في طريقها الطويل الذي استمر ألفي سنة، والأزمة لم تأت بها الحركة النسوية، ولكن الحركة كشفت أمراض اليهودية، والتي استمرت بدون علاج خلال العصر الحديث. ويؤيد الكثير منهن هذا الكلام.

وأخيراً إن الحركة النسوية اليهودية تنتقد من قبل الكثير من اليهود، وقد رأينا كيف أن بعض الحاخامات الرجال احتج على قبول النساء كحاخامات وانشق على فرقته وأكثر الذين ينتقدون الحركة هم اليهود الأرثوذكس بكل أطيافهم - متشددون وغير متشددين - حيث قال بعضهم: «إن ما تقوم به الحركة النسوية هو تحريف كامل لليهودية التقليدية وهو سيؤدي إلى الانحراف عن الطريق السوي. وتساءل غيرهم عما ستكون عليه طبيعة اليهودية الحالية، بعد أن تطال الحركة النسوية التوراة والشريعة والأغداه تعاليم الحاخامات غير الملزمة، والأخلاق والصلوات وحينها ستكون اليهودية ضعيفة ومتهالكة.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ألبوم يحتوي على أقدم صور متوفرة عن الأحساء منذ 1908

أنواع الإضاءة – إضاءة الأستوديو(5)

ملخص كتاب : مقاليد القراءة